تحدثوننا عن السلطة القضائية وكأنكم تحدثوننا عن وحى نزل من السماء، وتحدثوننا عن القضاة وكأنكم تحدثوننا عن معصومين لا يخطئون، والصواب أن السلطة القضائية شأنها شأن أية سلطة أخرى، فيها الأمانة وفيها الفساد، فيها الطُهر وفيها ضده، كذا القضاة منهم الشريف ومنهم دون ذلك، ومنهم الأمين ومنهم الخائن، وحتى لا نغرد بعيداً فأنا أسأل: رئيس المحكمة الذى تم ضبطه ومعه أسلحة ومخدرات يقوم بالاتجار فيها .. أليس قاضياً ؟!
الذين زوَّروا انتخابات 2010 أليسوا قضاة ؟!
الذين زوَّروا الانتخابات السابقة جميعاً أليسوا قضاة ؟!
الذين حكموا على خصوم مبارك بالسجن، والتعذيب، والإعدام على مدى ثلاثين عاماً أليسوا قضاة ؟!بل أسأل : فى العهد السابق كان هناك فيسيتا (رشوة) لدخول النيابة، كما كان هناك فيسيتا (رشوة) لدخول الشرطة وغير ذلك ..
وأنا أسأل : هذا الذى دخل بالرشوة، وبدأ حياته بخطيئة وكبيرة من الكبائر هل يكون نزيهاً ؟!
بالطبع .. كثيرون ممن دخلوا كانوا شرفاء، وكانوا أطهاراً، لكن اختلط بهم هؤلاء ورغم ذلك أقول: إن القضاء المصرى به شرفاء، وبه رجال، وبه أطهار، لكن لا ينبغى أن نُغالى فى القضاء ولا أن نفرط، بل علينا أن ننصف من خلال نظرة تحمل الوسطية فى الرؤية لهم .
وأقول للقضاة : فى عهد مبارك ما رأينا من السلطة القضائية شيئاً يكافئ حجم الخطايا التى ارتكبها النظام، بل لما خرجوا فى مظاهرة جاءت الأوامر من القيادة بسحلهم، فكان الشرطى يضع بيادته (نعله) على عنق القاضى وهو مطروح على الأرض، ولازالت الصحف التى بها هذه الصور موجودة إلى الآن .
وأسأل : من المسئول عن تهريب الأمريكيين فى قضية تمويل المنظمات غير الرسمية ؟
والآن نرى حملة وهياجاً وصراخاً، ولست بذلك أحجر على حقهم فى الدفاع عن سلطتهم، ولكنى أقول لهم : بما أنكم تدْعُونَ الكل إلى الاحتكام إلى القانون، واحترام القانون، فيجب أن تكونوا القدوة فى ذلك، بمعنى : اعترضوا وهذا من حقكم، وارفضوا وهذا من حقكم، لكن من خلال القنوات الشرعية، أى من خلال القانون، وليس من خلال الضجات والصرخات، والانقسامات، وتعريض هيبة الدولة إلى الزلزلة وهى لم تستعد عافيتها بعد، وأملى فيكم كبير، وثقتى فيكم طيبة أنكم على قدر المسئولية، فلتعلموننا وتوجهوننا إلى دولة القانون من خلال تصدير النزاع إلى المحاكم لا إلى الشوارع والعوام .
والمستشار الفاضل السلطان لما قال اليوم: أن مجلس الشعب كافة باطلاً من أول يوم فى الانتخابات .
أسأله : بما أنكم كنتم تعلمون ذلك، فلماذا ورطتم الجميع فى هذه الانتخابات؟ ولماذا شاركتم فى هذا البطلان من أوله إلى منتهاه؟ ولماذا تصدرتم فى النتائج وأعلنتموها؟ أليس فى ذلك من الدليل ما يشهد عليكم بصورة مباشرة بالشراكة فى المهزلة وتحمل المسئولية؟ ثم من يتحمل الاثنين مليار التى أنفقت على هذه الانتخابات الباطلة من دم هذا الشعب المريض الفقير؟
أنتم والعسكرى تتحملون المسئولية كاملة ورغم ذلك أقول: دعونا نعالج ما مضى، حتى تستعيد مصر عافيتها، ودعونا من التكتلات التى تحاول إرهاب الدولة الجديدة، وبنا نتعاون جميعاً على البر والتقوى ولا أنسى فى خضم ذلك أن أتوجه بالتقدير والاحترام لقضاة مصر الشرفاء فى كل زمان ومكان
وأسأل الله أن يبارك فى القضاء المصرى، وفى قضاة مصر، وأن يجعلهم نجوماً زواخر فى حياة المصريين من خلال عدلهم، ونزاهتهم، وأمانتهم .
وكتبه
الشيخ :محمد بن عبد الملك الزعبي