ما يجرى فى مصر مؤخراً من الأحداث لا ينبئ بخير أبداً، بل إنى أجزم ولولا التآلى لقلت : أقسم بالله، أن أحداً من هؤلاء لا يعمل لمصلحة الوطن، بل الهوى، والكراهية، وتصفية الحسابات حتى لو كان الثمن هو خراب الوطن، وكثير من هؤلاء الذين يرفضون عمل التأسيسية، لا يرفضونها لذاتها أو لمن فيها، بل كراهية للإسلام وفيه، بدليل أنهم لا يعترضون إلا على المواد التى تحفظ لمصر هويتها الإسلامية، فضلاً عن أن انسحابهم جاء بتوقيت معين فى ظروف معينة، وإن الناظر إلى تاريخ هؤلاء على فضائيات الفلول ليراهم دائماً ناقمين على الإسلام فى صورة المسلمين، وأبواقهم من مقدمى البرامج يسخرون من الدين من خلال السخرية من بعض الأحاديث النبوية، فى الوقت الذى نراهم فيه ما تعرضوا للحظة واحدة إلى ما عند أهل الكتاب، وليس معنى هذا أننا نتمنى ذلك أبداً بل لهم منا البر والقسط والإحسان ما داموا يوقرون الإسلام، لكن فقط أردت أن أبين وجهة الحرب المفتعلة .
وأيضاً يُحَّرضون بحقوق المرأة فى الإسلام، والإنسان عدو ما يجهل، إذْ لو اطلعوا على حقوق المرأة فى الإسلام لعلموا أن الإسلام كرمها وجعلها فى نفس منزلة الرجال من قول النبى صلى الله عليه وسلم : "النساء شقائق الرجال" وما يحدث للمرأة من ظلم بيِّن فى بعض البيئات نشهد به ونقره من حرمانها من الميراث فى بعض المناطق، ومن معاملتها المشينة فى مناطق أخرى قلت : نقر بوجوده، لكن العيب ليس فى الإسلام، بل إن العيب فى الجُهَّال من المسلمين الذين يرتكبون تلك الجرائم، وهم فى جهلهم بما للمرأة فى الإسلام كهؤلاء الذين أتحدث عنهم فى جهلهم أيضاً بما للمرأة فى دين الإسلام، ولولا أن مساحة المقال لا تسمح بالتفصيل لأقمت مقارنة عن حقوق المرأة ومكانتها فى الإسلام، وعند أهل الكتاب، وعند الغرب العلمانى، لذا أنصح بالرجوع إلى كتابى "علو الهمة عند النساء" .
المهم أنهم أثاروا الضجة، وأحدثوا الزوبعة، بل ترجموا ما فى صدورهم حينما قام اليهود بقصف غزة وقتل الأطفال والنساء فيها، ولازالوا، بأن أخرجوا المصدقين لهم -ولا أقصد بالمصدقين لهم كل من كان بمحمد محمود فبعضهم من أصحاب النوايا الطيبة، وبعضهم أصحاب قضية، والأكثرية دمية متحركة تساق من تجار الغنائم- المهم أعود وأقول : أخرجوا المُصَدِّقين لهم من البسطاء والشباب إلى محمد محمود فى ذكرى ما جرى فيه، كى يحدث الصدام والاشتباك مع عناصر الداخلية، وتعم الفوضى، وأطالوا النفس فى الذكرى فجعلوها أياماً، علَّ عناصر النظام السابق تنضم إليهم، وساعتها يأتى الضغط بما يريدون، ومن ناحية أخرى قاموا بضربات إعلامية كاذبة استباقية لدعم اليهود ولحشد الكراهية لأهل غزة وعدم التعاطف معهم، إذْ ادعوا أن الحكومة أنشأت المخيمات للفلسطينيين فى سيناء، وهذا ما لم يحدث، وتاجروا بدماء الأطفال الأبرياء، -نسأل الله أن يجعلهم فى الفردوس الأعلى- إذ قالوا : تركوا أطفالنا وانشغلوا بأطفال غزة، ثم فى النهاية أحدثوا تزاوجاً توافقياً مع الكنيسة حين انسحبت هى أيضاً، وما ذلك إلا رفضاً للهوية الإسلامية، وهذا ما أدى ويؤدى إلى الاحتقان الشديد فى صدور المسلمين، حينما يرون الاتفاق بين هؤلاء الكارهين لأحكام الدين، وهوية البلدة، وبين غير المسلمين من أبناء الوطن، وأخشى من النتيجة فى النهاية، لذا أنصح هؤلاء الفرقاء، بأن الله غالب على أمره، وأن مصر إسلامية، وهويتها ستبقى إسلامية للأبد، وأنهم كناطحى الجبال، ولن يصح إلا الصحيح، لكن أخشى من لعبة الاتفاق أن تُقابل يوماً بما لا يمكن تصوره، وحتى لا يفهم كلامى على سبيل الخطأ أقول :
والله لست إخوانياً ولن أكون أبداً لأن منهجى هو عدم الانتماء إلى الجماعات، كما لا أنتمى إلى أية جهة أو جماعة أو هيئة أو مجلس سلفى، رغم أن فهمى هو ما كان عليه أهل القرون الخيرية الثلاثة الأولى، ولست راضياً عن وضعنا الحالى المليء بالفوضى والعدائية، لكن لازلت أتوسم الخير مع الصبر، لثقتى فى دين الرئيس، وأخلاقه، لكن أتمنى أن تكون له قبضة من حديد على المجرمين والفاسدين وتجار الأوطان وأن تكون له قبضة من حرير للطيبين، المفيدين، الصالحين، وإلاَّ فإننا نمضى إلى المجهول .
حفظ الله مصر وحفظ هويتها الإسلامية